۩ الصّمــــــــــد ۩
و قد ورد هذا الاسم في سورة الإخلاص ، و معناه : السّيد الذي كمل في علمه و حكمته و حلمه و قدرته و عزته و عظمته و جميع صفاته ، فهو واسع الصفات عظيمُها ، الذي صمدت اليه جميع المخلوقات ، و قصدته كلُّ الكائنات بأسرها في جميع شؤونها ، فليس لها ربٌّ سواه و لا مقصود غيره تقصده و تلجأ إليه في إصلاح أمورها الدينية ، و في إصلاح أمورها الدنيوية ، تفزع إليه عند النوائب و المزعجات ، و تضرَع إليه أذا أصابتها الشّدائد و الكربات ، و تستغيث به إذا مسّتها المصاعب و المشقّات ، لأنها تعلم أن عنده حاجاتِها ، و لديه تفريج كرباتِها ، لكمال علمه و سعة رحمته و رأفته و إحسانه ، و عظيم قدرته و عزّته و سلطانه .
روى ابن جرير الطبري في ( تفسيره ) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : ( الصّمَد : السيِّد الذي قد كمُل في سُؤْدده ، و الشّريف الذي قد كَمُل في شرفِه ، والعظيم الذي قد كمُل في عظمته ، و الحليم الذي كمُل في حلمه و الغني الذي قد كمُل في غناه ، و الجبار الذي كمُل في جبروته ، و العالم الذي قد كمُل في علمه ، و الحكيم الذي كمُل في حكمته ، و هو الذي كمُل في أنواع الشّرف و السّؤدد ، و هو الله سبحانه ، هذه صفته لا تنبغي إلا له )
۩ الهــــــــــادي ۩
و قد ذكر الله هذا الاسم في موضعين في القرآن ، و هما قوله سبحانه : ( وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) ، و قوله( وَكَفَىٰ بِرَبكَ هَادِياً وَنَصِيراً ) .
و ( الهادي ) : هو الذي يهدي عباده و يرشدهم و يدلهم الى ما فيه سعادتهم في دنياهم و أخراهم ، و هو الذي بهدايته اهتدى أهل ولايته إلى طاعته و رضاه ، و هو الذي بهدايته اهتدى الحيوان لما يصلحه و اتّقى ما يضرّه .
فالله هو الذي خلق المخلوقات و هداها ( ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ) ، فهداها الهداية العامة لمصالحها ، و جعلها مهيَّئةً لما خُلِقت له ، و هدى هداية البيان ، فأنزل الكتب و أرسل الرسل ، و شرع الشرائع و الأحكام ، و الحلال و الحرام ، و بين أصول الدّين و فروعه ، و هدى و بيَّن الصراط المستقيم الموصل إلى رضوانه و ثوابه ، ووضَّح الطرق الأخرى ليحذرها العباد ، و هدى عباده المؤمنين هداية التوفيق للإيمان و الطاعة ، و هداهم إلى منازلهم في الجنَّة كما هداهم في الدنيا إلى سلوك أسبابها و طرقها ، فاسمه ( الهادي ) متناولٌ جميع أنواع الهداية .
۩ الـو هَّــــــــاب ۩
و هو اسمٌ تكرَّر في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع ، قال الله تعالى : ( رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ )، و قال تعالى : ( أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبكَ ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ ) ، و قال تعالى في ذكر دعاء نبي الله سليمان عليه السّلام : ( قَالَ رَب ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ من بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ ) .
و الوهَّاب : هو كثير الهبة و المنَّة و العطية و ( فعَّال) في كلام العرب للمبالغة ، فالله جلّ و علا وهَّابٌ ، يهبُ لعباده من فضله العظيم ، و يوالي عليهم النِّعم ، و يوسِّع لهم في العطاء ، و يجزل لهم في النَّوازل ، فجاءت الصّفة على ( فعَّال) لكثرة ذلك و تواليه و تنوعه و سعتِه ، و هو سبحانه بيده خزائن كلّْ شئً و ملكوت السماء و الأرض و مقاليد الأمور ، يتصرف في ملكه كيف شاء .
و قد ذكر الله عزّ و جلّ في القرآن الكريم أنواعاً من هباته ، و ذكر توجه أنبيائه و الصّالحين من عباده إليه في طلبها و نيلها .
و هذه الهبات المتنوّعة بيده سبحانه ، فهو المالك لهذا الكون ، المتّصرف فيه سبحانه كما شاء ، قال تعالى : ( لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ * أَوْ يُزَوجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) .
فاللهم لك الحمد شكراً ، و لك المنُّ فضلاً .
۩ الـفــتَّـاح ۩
قال الله تعالى : ( قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَق وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ ) ، و قال تعالى : ( وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَق وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ ) .
و معنى هذا الاسم : أي الذي يحكم بين عباده بما يشاء ، و يقضي فيهم بما يريد ، و يمنّ على من يشاء منهم بما يشاء ،لا رادّ لحكمه ، و لا معقِّب لقضائه و أمره ، قال الله تعالى : ( مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ) .
هذا ، و إنَّ إيمان العبد بأن ربَّه سبحانه هو الفتاح يستوجب من العبد حسن توجهٍ إلى الله وحده بأن يفتح له أبواب الهداية و أبواب الرزق و أبواب الرحمة ، و أن يفتح على قلبه بشرح صدره للخير ، قال سبحانه : ( أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ من رَّبهِ فَوَيْلٌ للْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ من ذِكْرِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) .
قال القرطبي : ( و هذا الفتح و الشرح ليس له حدّ ، و قد أخذ كلُّ مؤمن منه بحظ ، ففاز منه الأنبياء بالقسم الأعلى ، ثم بعدهم الأولياء ثم العلماء ، ثم عوام المؤمنين ، و لم يخيِّب الله منه سوى الكافرين ) .