سلفيون باكستانيون وسعوديون وليبيون وفرنسيون يقاتلون في سوريا، ورواتب تبلغ مئتي دولار شهريا، ومكافأت مالية سعودية على العمليات الانتحارية وقتل العلويين!؟
باريس ، الحقيقة (خاص): قالت تحقيق نشرته صحيفة"لوفيغارو" الفرنسية إن مئات من المقاتلين "الجهاديين"العرب والأجانب ، بينهم خمسة فرنسيون اعتقلوا من قبل السلطات اللبنانية مؤخرا ، يتدفقون إلى لبنان ومنه إلى سوريا للقتال إلى جانب ما يسمى"الجيش السوري الحر" ضد نظام الرئيس بشار الاسد، مشيرا ـ نقلا عن أحد هؤلاء "الجهاديين" ( الشيخ عبد الغني غية) ـ إلى أن المرتب الشهري لكل منهم يبلغ مئتي دولار شهريا. وينقل تحقيق الصحيفة المنشور اليوم، والذي أعده المراسل الأمني والديبلوماسي للصحيفة جورج مالبرونو، وثيق الصلة بالمخابرات الفرنسية وآل الحريري في لبنان، عن مصادر مختلفة قولها إن عشرات من "المجاهدين" العرب والأجانب قتلوا في سوريا مؤخرا خلال مواجهات مع الجيش السوري، بينهم ثلاة تونسيين وثلاثة أردنيين فضلا عن مصريين اثنين. ويربط التحقيق بين قضية الفرنسي / الجزائري "محمد المراح" الذي قتل عددا من الجنود الفرنسيين والمواطنين من أصل يهودي قبل أن يقتل على أيدي الشرطة الفرنسية، فيقول إن خمسة إسلاميين فرنسيين وصلوا في تلك الأثناء إلى مطار بيروت للانتقال إلى سوريا. وكان لافتا أن الأمن العام اللبناني سمح لهم بالدخول قبل أن يعتقلهم على الحدود السورية ـ اللبنانية ويسلمهم إلى المخابرات الفرنسية التي نقلتهم إلى باريس. وبشأن التكفيريين الليبيين ، يقول التحقيق إن العديد من هؤلاء انتقلوا إلى سوريا "بتشجيع من جهات قطرية" ، وقد بات المقاتلون الليبيون الآن ، إلى جانب آخرين لبنانيين وسعوديين وجزائريين وباكستانيين ، ينتشرون في منطقة "جرجناز" الواقعة بين محافظتي حماة وإدلب. وكانت "الحقيقة" أول من كشف عن وجود الباكستانيين في سوريا ، لاسيما "تير معلة"، الأمر الذي جرّ عليها حملة شعواء ورعناء وتخوين وتهديد بالقتل قادها الشاعر السوري فرج بيرقدار وآخرون من عائلته ، قبل أن تؤكد الأمر صحيفة "باكستان أوبزيرفر". وها هي "لوفيغارو" تؤكد الأمر أيضا، فما عساهم آل بيرقدار يقولون في ذلك .. شعرا أو نثرا!؟
وإلى ما تقدم، يكشف التحقيق عن أن الكثير من المقاتلين العراقيين كانوا دخلوا الأراضي السورية مطلع العام الجاري مع كميات كبيرة من الأسلحة بينها قواذف مضادة للدروع، غير أن العشائر السورية في المنطقة طردتهم من مناطقها قبل أن يذهبوا ويتمركزوا في منطقة "جبل الزاوية" في إدلب ، مستفيدين من "كرم ضيافة" البلدات التي أهملتها الحكومة المركزية . وينقل مالبرونو عن أحد السلفيين تحدث إليه عبر "سكاي بي" قوله إن الليبيين يعملون كـ "خبراء عسكريين" ، وإن مقاتلين أجانب يقاتلون الآن في بلدة "القصير" جنوبي حمص. إلا أن المسلحين السلفيين المنتشرين في المنطقة، ومنذ مصرع التكفيري "وليد البستاني"، عضو قيادة "فتح الإسلام"، لم يعودوا يرحبون إلا بمقاتلين لبنانيين أو فلسطينيين من مخيمات لبنان. وفي سياق حديثه عن "البستاني"، ينقل مالبرونو عن الشيخ سعد الدين غية قوله إن "البستاني" اصطدم بأهالي المنطقة فور وصوله بسبب سلوكه معهم ، فقد أقدم على خطف اثنين من أبناء الطائفة المسيحية وطلب فدية من أهلهم لم يكونوا قادرين على دفعها. وحين تدخل كاهن البلدة ومسلحون آخرون من عصابات "الجيش الحر" لإطلاق سراحهما، توتر الوضع وأدى إلى وقوع اشتباكات مسلحة بين الطرفين انتهت بمصرع "البستاني" على أيدي مسلحين آخرين! وعن التوتر بين المقاتلين المحليين والسلفيين الوافدين، ينقل مالبرونو عن هيثم مناع قوله إن المقاتلين المحليين في درعا طردوا السلفيين منها بعد أن أقدم سلفي كويتي على تفجير سيارة في المدينة أدت إلى مصرع ثلاثة من أبنائها.
وبشأن تمويل "الجهاديين" في سوريا ، يقول التحقيق إن في طرابلس لبنان أربعين مسجدا تتبع كلها للسلفيين . وتقوم هذه المساجد بدور "محطة تحويل" للأموال القادمة من دول الخليج إلى سوريا. ومن بين الجهات الخليجية التي ترسل الأموال "مؤسسة العيد" التي يديرها التكفيري السعودي سفر الحوالي ، وثيق الصلة بالمخابرات السعودية، والنائب الكويتي التكفيري وليد الطباطبائي ، والقطري عبد الرحمن النعيمي. وهذا الأخيران يعملان مع "الجمعية "نفسها.
وبالعودة إلى الشيخ سعد الدين غية ، يقول هذا الأخير للصحيفة إنه وعندما ذهب إلى أفغانستان العام 1997 دفعت له جهات سعودية مبلغ خمسة آلاف دولار في المرة الأولى، قبل أن تخصص له مبلغ 800 دولار شهريا. ويتابع الشيخ "غية" القول : " أما في سوريا فإن الدفع يكون جيدا إذا ما جرى تنفيذ عملية انتحارية ، وإلا فإن الجهاديين لن يحصلوا على أكثر من مئتي دولار شهريا ، وهو ما يفسر الهجوم على منازل العائلات العلوية"، إذ إن استهدافها مربح ماليا!! يشار هنا إلى أن الوثائق المسربة من بريد برهان غليون ، والتي نشرتها صحيفة " الأخبار" اللبنانية، كشفت عن أن جهات خليجية تدفع للمسلحين في حمص مبالغ مالية مقابل قصف الأحياء العلوية بالهاونات من أجل تهجير أو قتل أبنائها!
.ويضيف تحقيق الصحيفة القول إن موفدين لبنانيين من الخليج يقومون بتسليم المال مباشرة إلى السلفيين السوريين الذين يأتون إلى طرابلس لهذا الغرض ، وأحيانا يجري نقل هذه الأموال عبر وسطاء.
وتختم الصحيفة تحقيقها بالكشف عن وثيقة خاصة بالاستخبارات الفرنسية تحمل تاريخ 22 نيسان / أبريل 2010 تقول إن القيادي في " فتح الإسلام" عبد الغني جوهر، المعتقد أنه قتل مؤخرا في سوريا أيضا، كان يستهدف مواكب الوحدات الفرنسية العاملة في إطار قوات "اليونيفيل" (الأمم المتحدة) في جنوب لبنان قبل أن ينتقل إلى سوريا للقتال إلى جانب "الجيش السوري الحر". وينقل مالبرونو عن مصادر خاصة قولها إن مسؤولين أميركيين ينبهون منذ بضعة أشهر إلى احتمال قيام "محور للجهاديين" يربط طرابلس شمال لبنان بمنطقة الأنبار غربي العراق ، بالنظر لأن محافظة حمص وريفها يتصلان بالعراق ولبنان مباشرة!