بشكل مفاجئ وغير متوقع، قام مسؤول أمريكي رفيع بزيارة تركيا، واجتمع مع أردوغان دون أن تكون الزيارة على جدول مواعيد رئيس الحكومة التركي، بل إن زيارته أرغمت أردوغان على تعديل مواعيده، فما هو سر هذه الزيارة المفاجئة؟.. وبعبارة ثانية: لماذا كان على أردوغان تعديل مواعيده لاستقبال السيد ديفيد بترايوس، وما الذي دفع بترايوس إلى هذه الزيارة المفاجئة؟؟!.
مصادر مطّلعة قالت لـ"جهينة نيوز": إن الأمريكي تعرّض لنكسة كبرى أرغمته على إرسال بترايوس على وجه السرعة إلى أنقرة!!.. وفي التفاصيل قام الأمريكي بتوجيه أمر عمليات إلى خلايا مسلحة نائمة كان يُفترض أن تتحرّك مع دخول الجيش العربي السوري لتطهير مناطق إدلب من العصابات المسلحة، واحتلال مناطق كاملة من مدينة حلب، وقبلها نكسة إبان تطهير منطقة بابا عمرو في حمص وهي الأكبر. وحسب مصادر "جهينة نيوز" فإن الأمريكي أُصيب بصدمة، بحث فيها عن خرق أمني قد حدث والمتهم الأول هو المخابرات التركية التي من غير المعلوم إذا كانت سرّبت أي معلومات للسوريين، أم إن السوريين حصلوا على معلومات أنقذتهم بطريقة ما، ولكن الأمريكي خطط بدقة متناهية لإعادة بلورة مشروع الياسمينة الزرقاء، والأهم أنه لأول مرة يحقق نجاحاً هاماً جداً، غير أن الرياح جرت عكس ما يشتهي الأمريكيون بشكل غير متوقع نهائياً، ولا أعلم إذا كنت لاحقاً سأوضح هذه النقطة في فصول الياسمينة الزرقاء، ولكن حالياً سأتجاهلها لحساسيتها، ويبقى جوهر الموضوع أن الأمريكي أخفق في عمل أمني كبير خطّط له جيداً، ولاحقاً أخفق حتى في تحريك خلايا نائمة في حلب تحديداً، والسؤال المطروح أين التفجير القادم إنتقاماً لما حدث؟!!.
يمكن الحديث هنا عن الثقل التركي في حلب حصرياً والذي تعرّض لنكسة كبرى، قبل بدء تطهير إدلب من العصابات المسلحة، وحسب المصادر فقد تمّ القبض على مفاتيح أمنية أبطلت عمل عدد من الخلايا المسلحة النائمة، ولكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل كان القبض على بعض هذه الخلايا النائمة هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير، والقصة بدأت من القبض على المجرم حسين الهرموش، مروراً بالقبض على ثلاثة ضباط قطريين على الحدود السورية التركية، ومنهم ضابط رفيع له صله قرابة بأحد صناع القرار في قطر، ونجاة كولونيل فرنسي رفيع المستوى من يد المخابرات السورية على الحدود التركية السورية، وثم نجاة الإرهابي رياض الأسعد بأعجوبة من قبضة المخابرات السورية، والأهم هو عملية تطهير جبل الزاوية التي حطّمت كل الآمال الأمريكية بتحويل محافظة إدلب الى دارفور سورية، وصولاً الى الإخفاق الأكبر الذي حدث قبل أيام قليلة، والقاسم المشترك بين العمليات الأمنية التي تمت والتي فشل منها عمليتان، مروراً بالإخفاقات الأمريكية هو تسريب معلومات للقيادة السورية من داخل تركيا؟!.
وفي التسريبات، فإن الأمريكيين قدّموا للأتراك وثائق تشير إلى تورط تركي، وتقاعس عن حماية الضباط القطريين الثلاثة، ولم يحمل الأمريكي مع هذه الإدانة للأتراك أي إنذار علني، ولكن الأتراك حملوا المسؤول الأمريكي اشمئزازاً من التخبط الأمريكي الفرنسي ومنها احتجاج على رئيس مجلس اسطنبول برهان غليون الذي اعتبره الأتراك (حمار مكشوف للسوريين) فهو بكل دساتير العالم من الصومال لزمبابوي لواشنطن لا يحق له أن يكون رئيس جمهورية، كونه حاملاً لجنسيتين ومتزوج من أجنبية، وبالتالي لا يمكن أن يصدّق أي سوري بأنه فعلاً زعيم وطني، واقترحوا هيثم المالح كونه على الأقل كان مقيماً في سورية، وهو الذي وصفه الأمريكيون بالشخص الذي لا يمكن تسميته زعيماً بسبب لا دبلوماسيته وجهله السياسي، ولكن اعترف التركي والأمريكي بأن (المعارضة السورية) متخبطة ولا يمكن الاعتماد عليها، ولكن الأمريكي الذي حاول تطمين الأتراك بأن التدخل العسكري قادم تفاجأ بالرد التركي الذي قال بأن السوريين حين يحرّرون حمص وإدلب من العصابات المسلحة سيكونون قادرين على التعامل بالمثل مع من يدعم الإرهاب على أرضهم، وقال أردوغان لضيفه: إن السوريين أصبحت بيدهم أوراق تمكنهم من التفاوض مع كل بلد على حدة، ولا نعتقد بأن هناك أي مشروع جديّ للتدخل العسكري، فطلب الأمريكي منه على الأقل تصعيداً إعلامياً ضد سورية ووعدوه بأنه سيكون على إطلاع على ما يحدث.
وعدم الثقة بين تركيا وواشنطن انعكس على مجلس اسطنبول الذي بدأ يتصدّع، ولكن المفارقة الغريبة أن الأمريكي الذي حاول إقناع الأتراك بأن التدخل العسكري قادم، هو نفسه يسير في خطوات حل سياسي عبر كوفي أنان وعبر خطابات برهان غليون، بينما التركي الذي لم يصدّق بأن هناك أي عمل عسكري ضد سورية هو من يصعّد الخطاب ضد سورية إعلامياً ومن خلفه هيثم المالح وبعض المعارضين المحسوبين على تركيا. وحسب مصدر "جهينة نيوز" فإن نجاح سورية بإبطال مفعول عمل أمني كبير انعكس على التحالف المضاد لسورية، وبدأت معالم تصدع كل دولة تريد الحل لمصلحتها وكل منهم له مطالب من سورية، فالفرنسي له عدد من الجنود والضباط وحسب ما تأكد لي من معلومات لا يقل عددهم عن 18 شخصاً قبض على أربعه منهم في حي الإنشاءات بحمص و14 في الزبداني، وحسب مصادر خارجية العدد أكثر من 18 جندياً وضابطاً فرنسياً وبعضهم من قوات اليونيفيل العاملين في لبنان، وأما الأمريكي الذي خسر كبار عملائه في سورية والكثير من أجهزة الاتصال المتطورة فهو يريد كذلك التفاوض بأن يشمل هذه الأمور، والتركي الذي له 49 ضابطاً بالإضافة إلى خسارته اتفاقية التجارة الحرة مع سورية يريد ترتيب إعادة العلاقة مع سورية حسب مصالحه، أما القطري والسعودي فمن المستغرب أن أياً منهما لم يسأل عن ضباطه ولم يطالب بهم بل حمل على سورية رأس حربة يفاوض الأمريكي تحتها.
وقد بدأت الدول المتورّطة بالأحداث في سورية البحث عن مخرج للأزمة القادمة، ومع نهاية آذار لن يكون الحسم قد انتهى تماماً في حمص وعاد الوقود والكهرباء إلى معظم أرجاء سورية، بل سيكون انتهى مشروع ضبط الحدود مع لبنان الذي سينعكس على أنصار الحريري من المعتاشين على التهريب ويمنع عودة العصابات الى أي مكان في حمص، وبالتالي تصبح القيادة السورية جاهزة تماماً ومتفرغة لأي حل أمني في حال فشل الحل السياسي، وتلملم جراحها بعد نكبة حمص الطويلة وهي وسط سورية التي كادت تشلها. ومن هنا يدرك أعداء سورية من أصحاب القرار (فرنسا، تركيا، بريطانيا، واشنطن) أن شهر نيسان القادم سيصبح العبث بالأمن السوري أكثر خطورة من أي وقت مضى، بل والصراع بدأ يخرج من سورية إلى الحضن الأمريكي، ومن الغباء أن يحاول الأمريكي الانتقام لما حدث.
وفي الخاتمة يمكن القول: إن الروسي والصيني يعلمان تماماً أن بداية جر المملكة العربية السعودية إلى التنازلات الكبرى من قبل الأمريكيين، بدأ بالحديث عن حقوق الإنسان في المملكة وهو الحديث القادم حين تقلب المعادلات، ولكن في الشهور القادمة من سيضغط ليس واشنطن بل قوى صاعدة تعلمت الدرس من الأمريكي، ولكن من المؤكد أن استهداف السفارات الصهيونية الذي حدث في الفترة الماضية هو رسالة مفادها بأن الحل الأمني للأزمة السورية قادم في حال فشل الحل السياسي فهل سينجح كوفي أنان؟؟.