أعلنت تركيا على لسان وزير خارجيتها، مولود جاويش أوغلو، أنها تخطط للبدء بالتنقيب عن النفط والغاز بشرق المتوسط قريبا، وأنها لا تعترف باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص عام 2013.
والأربعاء الماضي، وجّهت مصر تحذيرا شديد اللهجة لأنقرة من المساس بسيادتها على المنطقة الاقتصادية وحقول الغاز التابعة لها بشرق المتوسط، مؤكدة أن الاتفاقية تتسق وقواعد القانون الدولي، وتم إيداعها كاتفاقيةٍ دولية بالأمم المتحدة.
واعتبرت مصر أن التصريح التركي "مرفوض وسيتم التصدي له"، الأمر الذي أثار تساؤلات لدى مراقبين عن ما إذا كانت المنطقة قد أصبحت على شفا مواجهة عسكرية بين مصر وتركيا في شرق البحر المتوسط.
المحاضر بمعهد الشرق الأوسط بجامعة سكاريا التركية، الدكتور محمد الزواوي، نفى احتمال وقوع مواجهات عسكرية؛ وذلك للتداخل الدولي الكبير في تلك المنطقة، موضحا أن "أي شرارة يمكن أن تشعل حربا عالميا وليس حربا إقليمية فقط باعتبار أن الشركات العاملة بتلك المنطقة لاستكشاف الغاز إيطالية وفرنسية وبريطانية".
ونقلت صحيفة "عربي21"، عن الزواوي - الأكاديمي المصري المتخصص بالشأن التركي - قوله إن "التحرك التركي باعتراض سفينة الاستكشاف الإيطالية هو إجراء محدود لدفع الأطراف للتفاوض بشأن ترسيم الحدود لاسيما ما يتعلق بحفظ حقوق القبارصة الأتراك التي تعمل أنقرة على الحفاظ على حقوقهم بموارد الغاز المكتشفة حديثا".
وأكد الزواوي، أن "المواجهة ليست بين مصر وتركيا بالأساس بقدر ما هي بين تركيا وقبرص لدفع الأخيرة للتوزيع العادل لموارد الثروة الغازية بشرق المتوسط وحفظ حقوق القبارصة الأتراك، والترسيم العادل للحدود بين الأطراف".
وأوضح أن "التحرك العسكري التركي بوقف السفينة الإيطالية بحجة وجود مناورات عسكرية بالمنطقة هو لدفع الأطراف للاحتكام للقانون الدولي ومن ثم إعادة النظر بالاتفاقات المبرمة، لاسيما وأن هناك نزاعات حدودية بين إسرائيل ولبنان متوقع أن تزداد حدة قريبا مع استخراج الكيان الصهيوني للغاز من المناطق المتنازع عليها".
وأضاف الزواوي، أنه "من غير المتوقع أن يتم التصعيد عسكريا بالنظر إلى الأطراف الكثيرة الإقليمية والدولية المتشابكة بتلك المسألة؛ حيث عبرت تركيا في السابق على لسان وزير خارجيتها داود أوغلو، آنذاك أن غاز شرق المتوسط فرصة للتعاون وحل القضايا العالقة، وبينها قضية القبارصة الأتراك وكذلك التعاون لتصدير الغاز لأوروبا عبر تركيا، أكثر من كونها قضية تدعو للنزاع بين الأطراف".
من جهته، يرى الباحث والمحلل السياسي، محمد حامد، أن "الدول المطلة على المتوسط ستصارِع على الغاز الفترة القادمة"، متوقعا "عدم وقوع اشتباك بين القاهرة وأنقرة سوى اشتباك تصريحات دبلوماسي فقط".
حامد، أكد أن "تركيا ترغب بأن يكون لها كعكة من حصة الغاز لأنها من أكبر الدول المستوردة له، وأعتقد أن صوت العقل سينتصر ولن يحدث إشتباكًا"، موضحا أن "القاهرة غير معنية بعدم اعتراف تركيا بالاتفاقية مع قبرص، لأنه اتفاق ثنائي متوافق مع القانون الدولي ومودع بالأمم المتحدة".
وبِشأن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، قال الخبير بالقانون الدولي والعلاقات الدولية، الدكتور السيد أبو الخير، "الاتفاقية طبقا لنظرية الدين المقيت بالقانون الدولي؛ منعدمة وباطلة بطلانًا مطلقا وتعتبر بنظر نصوص القانون عملا ماديا لا ينتج أية أثارٍ قانونية".
الأكاديمي المصري، أكد أن "نفاد نظرية الدين المقيت يتحقق لأن كافة أعمال مغتصب السلطة منعدمة لأنها صادرة من غير مختص، وما حدث بمصر منذ 2013، انقلاب عسكري واضح للعيان؛ لذلك من عقد الاتفاقية لا يمثل مصر طبقا للقانون الدولي وتلك النظرية"، وفق "عربي21".
وأوضح أبو الخير، أنه "ليس معنى اتخاذ الإجراءات الشكلية لإبرام الاتفاقية يصبغ شرعية على موضوعها ومضمونها؛ وتظل الاتفاقية منعدمة وباطلة بطلانا مطلقا، وأيّ عمل مادي لا ينتج عنه أية آثار قانونية ولا يصححه رضاء الخصوم"، مضيفا "لذلك موقف تركيا من الاتفاقية صحيح قانونا كما أن الاتفاقية تمس مصالح قبرص التركية".
ونفى احتمالات حدوث مواجهة عسكرية مصرية تركية، "لأن الجيش المصري منشغل بالداخل"، مضيفا "صحيح أن الغرب يريد توريط تركيا بحروب في أكثر من جهة تأكل نهضتها؛ إلا أن الأتراك يدركون ذلك وتصرفاتهم محسوبة بدقة".