الإمام الشـافعي
767-820م
الشافعي هو محمد بن إدريس بن العبّاس بن عثمان بن شافع بن السائب، بن عبيد بن يزيد، بن هاشم بن المطلب، على ما تروي الغالبية من المؤرّخين. فهو بذلك قُرشيّ، وأما أمّه فهي أزدية على الصّحيح وكنيتها "أم هبية الأزدية".أسس المذهب الشافعي، وهو أحد المذاهب الأربعة.
وُلِدَ الإمام الشّافعي بغزّة سنة 150هـ وهي السّنة التي توفّي فيها الإمام أبو حنيفة، وحُمل إلى مكّة وهو ابن سَنتين.
والشّافعي وإن كان قد وُلِدَ من نسبٍ شريفٍ، لكنّه عاش يتيمًا عيشة الفقراء إلى أن استقام عُوُده. وقد حرصت والدته على تثقيفه، فحفظ القرآن الكريم بسهولةٍ نادرة،ٍ ثم اتّجه إلى حفظ الأحاديث فاستمع إلى المُحدثين وحفظ الحديث بالسمع ثم كتبه على الخزف أحيانًا وعلى الجلود أحيانًا أخرى. ومالَ إلى تعلّم الفُصحى، فخرج بذلك إلى البادية ولازَم هذيلاً. وقد قال في ذلك المعنى: إنّني خرجتُ من مكة فلازمتُ هذيلاً بالبادية، أتعلّم كلامها، وآخذ طباعها..
أقام الشافعي في البادية مدةً طويلةً استغرقت عشر سنوات كما ذكر ابن كُثير في إحدى الروايات، جعلته يتّخذ من عادات أهل البادية ما يراه حسنًا. أمّا العلم فقد طلبه الشافعي بمكة، فتفقّه وبلغ شأنًا عظيمًا في الفقه، ومن ثم رحل إلى المدينة ليستفيد من فقه الإمام مالك بن أنس. فروى عنه الموطأ ودارسه في المسائل التي كان يُفتي فيها الإمام مالك إلى أن توفي عام 179هـ في وقتٍ بلغ الشّافعي فيه سنّ الشباب.
وبعد رحلةٍ إلى نجران باليمن، قدم الشافعي بغداد سنة 184هـ وهو في الرابعة والثلاثين من عمره. فأقام فيها حوالى سنتين أخذ يدرس خلالها فقه العراقييّن. فقرأ كتب الإمام محمد بن الحسن، وبذلك اجتمع له فُقه الحجاز وفقه العراق. ومن ثم عاد الشافعي إلى مكة وأخذ يلقى دروسه في الحرم المكي والتقى به أكابر العلماء واستمعوا إليه. وفي هذا الحين التقى به الإمام أحمد بن حنبل وأعجب بنجابته.
عاد الشافعي إلى بغداد للمرّة الثانية عام 195هـ، فألّف لأوّل مرةٍ كتاب "الرسالة" الذي وضع فيه الأساس لِعِلم أصول الفقه وشرائط الإستدلال بالقرآن والسنة والإجماع والقياس وبيان الناسخ والمنسوخ، ومراتب العموم والخصوم، كما حقّقه الرازي في مناقب الشّافعي، والخطيب في تاريخ بغداد. ثم اعتزم السفر إلى مصر فوصل إليها عام 199هـ.
توفّي في القاهرة بمصر سنة 204هـ وقد بلغ من العمر 54 عامًا، ودُفِنَ بسَفح جبل المقطم حيث ما يزال قبره حتّى اليوم.
له من التّصانيف: كتاب "الأم في الفروع" الذي جمعه البُوَيطيّ وبوّبه الربيع بن سُليمان، و"المسند في الحديث"، و"السّنن" و"الرّسالة في الأساس".