بقايا امرأة
رعدَ وبرق .. سماء ممطرة .. بردَ قارس
رياحَ مزمجرة في أحضان السماء .. ومساءَ مظلم
وأنين امرأة .. أبى المنام أن يخاطب عينيها
ضلت ساهرة .. تتأمل العاصفة .. وشذرات المطر
تتأرجح على زجاج النافذة .. وصوت حفيف الشجر
يرن في أذنيها .. يذكرها بلحظات أبت أن تنمحي
من ذاكرتها .. وجرحَ عميق أبت الأيام أن تضمده
وتوقف نزفه .. وحزنَ استوطن أعماقها ..
كانت لحظات .. وما أجملها من لحظات ..
كان لقاءاً يجمعهما .. تحت المطر .. وكان عناقاً
واتحاداً بين قلبين .. وامتزاجاً بين روحين ..
كان أملا يداعب أفكارها .. ويحط في خيالها ..
كان حباً عميقاً .. لم يكتب له الدوام ..
.. كان حلماً .. وما أجمله من حلم ..
تأرجحت دموعها على وجنتيها .. ولامست شفتيها ..
استلقت على سريرها .. أحست ببرودةٍ شديدةٍ تعتريها ..
قلبها ينبض .. وروحها ترتعد .. ياله من احساس ..
لم كتب عليها احتضان الألم .. لم يصر الحزن على عناقها ..
لم قدر لذلك الحب أن يموت ويدفن تحت الرمال ؟؟ ..
لم رحل ؟؟ .. أكانت السبب في ذلك ؟؟ أكان كبرياؤها ؟؟
أكانت غيرتها الشديدة عليه ؟؟ أم أنه القدر !! ..
لقد أحبته .. وأسكنته قلبها .. ووهبته روحها .. وتغنت بحبها له
نثرت حروفها له وحده .. ولكنه رحل ..
غرقت في دموعها .. وانتابها ألمَ شديد استعمر أوصالها ..
وذكرى الرحيل الموجعة لا تفارقها .. وأنين العاصفة يرعبها ..
أين تراه يكون الآن ؟ .. لم غدت جدران الغرفة موحشة ؟
نهضت من سريرها .. تأملت وجهها في المرآة ..
عينان عسليتان ذابلتان .. شعرَ طويل يغطي كامل جسدها..
نحافتها تكاد تبرز عظامها .. تجاعيدَ خطتها دموعها ..
ضمت يديها بقوة فانغرزت أظافرها في كفيها مدميةً اياهما ..
تساقطت قطرات دمها على الأرض .. واختلطت بدموعها ..
لقد غدت حطاما .. وبقايا امرأة .. تعد أيامها لترحل هي أيضاً ..
ولكن الى أين ؟؟ ..
أظلم المكان .. سقطت على الأرض .. امتزج جسدها بمزيج
الدم الأحمر .. تسارعت نبضاتها .. اخترقت كل الحواجز
سمع الجميع صوت هدير أنفاسها لآخر مرة ..
وفجأة ..
:
:
:
توقف كل شيء
نبضاتها
أنفاسها
حياتها
لم يتبقى منها سوى ذلك الجسد البارد
لقد رحلت ..