مجالس ”الربيع العربي” تتحول إلى مجالس ”المغضوب عليهم”
تتجه الأنظار اليوم في الدول العربية التي عرفت تغيير الأنظمة فيها وفق أجندة ما يطلق عليه إعلاميا ”الربيع العربي” نحو أداء المجالس التي تشكلت على أنقاض الأنظمة السابق، ففي تونس ومصر يوجه المجلس التأسيسي ومجلس الشعب حالة من الضغط والغضب الجماهيري بسبب أدائهم بطريقة وصفها المصروين بخيانة الثورة والتونسيين بخطفها بينما يقود شباب ليبيا حملة تطالب بتطهير المجلس الانتقالي الليبي.
استهجن الشارع المصري سياسة نواب مجلس الشعب المصري سيما منهم الذين ينحدرون من تيار الإخوان المسلمين الذي ينتمي إليه أغلبية نواب مجلس الشعب المصري، وأيضا التيار السلفي الذين أطلقوا مؤخرا دعوات جدلية من داخل قبة مجلس الشعب أثارت حفيظة الشعب المصري، ومن بين تلك الدعوات ما صرح بها النائب بمجلس الشعب أبو العز الحريري قائلا بأن هناك مشروع قانون من أعضاء مجلس شعب عن أحزاب الحرية والعدالة والنور يعفو عن الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي لا يزال يحاكم في عدة قضايا منها التحريض على قتل المتظاهرين خلال الثورة الشعبية التي أطاحت به، وأوضح النائب خلال مقابلة إعلامية على إحدى القنوات المصرية أن هذا المشروع يعد ”خيانة للثورة” خصوصا وأن الشعب قام بالأساس ضد هذا الرئيس الذي قام طوال ثلاثة عقود بتخريب ونهب مصر، كما عبر الشارع المصري عن امتعاضه من الدعوات التي أطلقها مؤخرا نواب لدراسة مشروع قانون يقضي بتطبيق ”حدّ الحرابة” على جرائم القتل والسرقة وبادر بعرضه النائب عادل يوسف العزازي عن حزب النور السلفي، وشنّ حقوقيون مصريون هجوما عنيفا على المشروع مشيرين إلى تعارضه مع الاتفاقيات والالتزامات الدولية التي وقّعت عليها مصر منذ سنوات طويلة.
أما في تونس، التي توصف بأنها شرارة ”الربيع العربي”، فلم تتوقف بها المظاهرات والإعتصامات المنددة بإدارة المجلس التأسيس التونسي والحكومة التونسية، وامتدت الاحتجاجات في تونس إلى سقف المطالبة بإقالة الحكومة، كما بات يأخذ التصعيد بين الشارع التونسي والنظام الجديد في البلاد طابعا أيديولوجيا بعد قيام التيارات السلفية بحملة ضد الهوية التونسية التي ينادي بها النظام التونسي، ويقف الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي أمام سيناريو صعب لإدارة الأزمة. أوضح المرزوقي أن حق الاعتصام مكفول مادام لا يمس بالهوية التونسية، كما وجه المرزوقي دعوة عامة لقيادات الحركات السلفية في تونس وغيرها من التنظيمات الإسلامية لبحث بعض المسائل الحساسة في تونس عبر إجراء مناظرة تلفزيونية لدراسة سبل تجاوز الخلافات الإيديولوجية التي تهدد الحكومة التونسية بالسقوط.
وعن حالة المعارضة السورية الحالمة بإسقاط النظام السوري عبر سيناريو ليبي، يعيش المجلس الوطني السوري المعارض هذه الأيام أحلك أيامه وفق تقرير المعارضين أنفسهم، كما نشرت صحيفة ”نيويورك تايمز” تحقيقاً عن الانقسامات التي تعاني منها المعارضة السورية المناوئة لنظام الرئيس بشار الأسد.
أوضح التقرير أن منظمة المعارضة السورية الرئيسية لا تزال تعاني من تفكك خطير، خصوصا مع اتساع دائرة المستقيلين من المجلس الوطني السوري المعارض، بينما طغى على المجلس استبداد ويسيطر الإخوان المسلمون، وتزايدت مشاعر الإحباط داخل المجلس الوطني السوري بعد سيطرة الحكومة شبه الكاملة على حمص وإدلب، فرغم الحملة الإعلامية الدولية والعربية ضده بدا النظام السوري أكثـر تماسكا من أي وقت، ورغم مرور عام من اندلاع الأزمة، وهو ما زاد من حدة الانقسامات داخل المعارضة السورية سواء المجلس الوطني السوري الذي يترأسه برهان غليون وحتى القوات المسلحة المعارضة التي تطلق على نفسها اسم ”الجيش الوطني الحر”.