يدرك الإسرائيلي تماماً أن ما يحدث في مصر هو طفرة سياسية إلى حين تصحو الشركات المصرية من سبات المصالح مع الأمريكي، وتستعيد دورها في الشارع بحثاً عن المشاريع الاقتصادية القادمة وخصوصاً في سوق الغاز، ومع توسّع الاضطرابات في ليبيا وازدياد العجز المالي في مصر سيجدون أنفسهم في الحضن السوري الإيراني العراقي كمخلّص لهم ولأزماتهم القادمة، ولهذا الكيان الصهيوني بدأ بالتحضير لحرق مصر، ومعه واشنطن التي عادت للقتال لإخراج نفط جنوب السودان خارج الأراضي السودانية، فهذا يعني أن المعركة العالمية حين تحسم في سورية لن تنتهي، بل ستنتقل إلى ساحات جديدة، وبدأ فعلاً يتوسّع الصراع من إرسال قوات أمريكية إلى أوغندا وعودة الجيش الإثيوبي للصومال، فضلاً عن الاضطرابات في مصر وليبيا وصولاً إلى نيجيريا وربما قريباً الجزائر، وكلها معركة واحدة تستهدف روسيا والصين، ويبقى السؤال الملح: ما الذي يمنع موسكو من ضرب المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ضربة قاضية....؟، وهذا السؤال من يدرك حجم الضربات التي تلقتها واشنطن وحلفاءها بعد خسارة العدوان على لبنان يدرك أن القادم أعظم، بل والمحللون يتوقعون أن يكون الرد الروسي منطلقاً من سورية، وبالتالي الذي ينتظر الكيان الصهيوني هو أسباب زواله على ثلاث مستويات:
- أن يصبح محيطه معبر طاقة للأوروبيين ويخسر مصر لتنضم إلى التحالف المقاوم في سورية وإيران، واحتمال نجاته من هذا الحصار معدومة، خصوصاً وأن فتح صراع يستهدف مصر سينقل الصراع إلى الأردن، وبالتالي سيوسع الجبهة الإسرائيلية الى ما لا تحتمل.
- استمرار الملفات العالقة بين واشنطن وروسيا في التصعيد من أفغانستان إلى إفريقيا وبالذات شمال إفريقيا فضلاً عن الدرع الصاروخي، قد ينتقل بروسيا من الدفاع إلى الهجوم كما حدث بعد العدوان على لبنان في حرب الغاز مع أوكرانيا مروراً بحرب القوقاز في جورجيا وصولاً إلى سقوط ثورة السوسن في قرغيزيا، وبالتالي يدرك الصهاينة تماماً أن الرد الروسي القادم قد يكون هجومياً عنيفاً وينطلق من سورية ويستهدف الكيان الصهيوني وجودياً، لأن ذلك سيزيل أي أحلام أوروبية بوجود مصالح مع واشنطن ويسقط النفوذ الأمريكي في أوروبا.
- أن تبقى الملفات معلّقة إلى أجل غير مسمّى وتستطيع وقتها طهران إتمام دورة الوقود النووي ولو سلمياً، وبالتالي عودة المحور السوري الإيراني لبيضة قبان ليس فقط في الصراع على الغاز ومعابره بل وعسكرياً. وبالتالي التحالف السوري الإيراني استطاع عبر سنوات قليلة من اللعب على السياسة الدولية تحويل تحالفه الذي كان يعاديه كل العالم قبل عقد ونصف من الزمن، إلى تحالف يحدّد مستقبل العلاقات الدولية، بل ومستقبل العالم بقطب واحد أو متعدّد الأقطاب، وعادت سورية الحليف المدلّل للروس كما كانت للسوفييت سابقاً وليس ذلك فحسب بل حتى إيران في حال تحالفت مع روسيا وإن كان تحالفاً غير معلن، وبالعودة إلى محور الشر الأمريكي قبل عقد ونصف من الزمن (سورية– إيران– كوريا الديمقراطية- كوبا) سنجد أن هذا المحور أصبح أكثر من نصف العالم الذي يقف في وجه المشاريع الأمريكية، فكوبا أصبحت أمريكا اللاتينية، وفي آسيا قريباً ستجد واشنطن نفسها دون أي حليف، وفي إفريقيا خسرت الكثير الكثير وعلى رأسهم نيجيريا وجنوب إفريقيا، وروسيا بدأت باستعادة نفوذ الاتحاد السوفييتي، وأكثر من ذلك تكاد تستعيد التحالف مع ألمانيا كل ألمانيا وليس فقط الغربية، وبالمقابل الأمريكي يتراجع في كل الجبهات بما فيها مؤسسات الأمم المتحدة التي كانت حصان أعمال واشنطن العدائية سابقاً.