๑ஐ◄▓▒> المرأة ونماذجها.. في القرآن الكريم<▒▓►ஐ๑
المرأة ونماذجها.. في القرآن الكريم
- إمرأة نوح وإمرأة لوط:
لسنا بحاجة إلى أن نبحث في إسمي هاتين المرأتين بعد ورودهما في كتب التفسير بلفظ القيل. نعم، لا حاجة لنا بذلك، وإن كان للأسماء إيحاءات بحسبها قد تؤثر على سلوك الإنسان، وإنّما الحاجة في هذا النموذج القرآني هي في أمرين، هما:
- الموقع والعمل
فالموقع: أنّ هاتين الإمرأتينِ كانتا مع عبدينِ صالحينِ في موقع النبوّة (موقع العبودية الصالحة).
قال تعالى: (ضَرَب الله مثلاً للذين كفروا امرأةَ نوحٍ وامرأةَ لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا الصالحين...).
والعمل: هو الخيانة
(... فَخانَتاهُما فَلَم يُغنِيا عنهما مِنَ الله شيئاً وقيلَ ادخُلا النار مع الداخلين) (التحريم/ 10).
وخيانة نساء الأنبياء هي خيانة في الدين والتعرُّض لهم بالأذى وليس خيانة بالفحشاء، فما بغت إمرأة نبيّ قط، إمرأة نوح كانت تقول للناس: إنّه مجنون، وهذا أشدّ وقعاً على نفس النبي (ص) من اتهام الناس له بذلك، وإذا آمن به أحدٌ راحت تُخبر الجبابرةَ من قومه به، وهو أشدّ وقعاً وخطورة من الأوّل.
وإمرأة لوط كانت تدلّ قومها على أضيافه.
وهي أفعال لا تناسب الموقع الإيماني الصالح الذي يكتنفهما، فإنّ لهذا الموقع ميزة أشار إليها القرآن بقوله: (يا نساءَ النبيِّ لَستُنَّ كأحدٍ من النساءِ إن اتقيتُنَّ) (الأحزاب/ 32).
وهو درس أُسروي قائم إلى آخر الدنيا، ليس لعالم النِّساء فقط، وإنّما لعالم الرجال أيضاً، مفاده أنّ الموقع المقدّس والصالح لا يحمي الشخص من الله مادام العمل على خلاف مقتضيات ذلك الموقع الصالح، وإنّ الخيانة مهما كانت صغيرة فإنها إذا انطلقت من موقع مهم ومقدّس ونزيه وصالح، فإنّها تكبر بشكل طرديّ كما أشارت لذلك آية: (يا نساءَ النبيّ لَستُنَّ كأحدٍ من النساءِ إن اتقيتُنَّ)، وحينذاك يتبرّأ الموقع ولا يتضرّر، وينزل المسيء من الموقع إلى منزلة عامّة المسيئين، ولا ميزة له بينهم، ولذا قيل لهما يوم القيامة (ادخُلا النارَ مع الداخلينَ) الذين لا وصلة بينهم وبين عباد الله الصالحين، وإن كان استحقاقهما من العذاب فيها يختلف باختلاف ميزتهما هذه.
أجل فلا يتصورَنَّ أحدٌ، أنّ الموقع له شفاعة في النظر الديني ما لم يكن المشفوع له على مستوى من الحفاظ والحرمة تقتضيها تلك الشفاعة، ولهذا قالوا: قطع الله بهذه الآية طمع مَن ركب المعصية رجاء أن ينفعه صلاح غيره، كما لا يعتقدنّ أحد أنّ السنّة الإلهية – التي رسمت في الآخرة هذه النهاية البائسة لمن لا يحترمون المواقع النزيهة – تخطئ نصيبهم من الشقاء والخسران والهلاك في الدنيا.
كلا، فقد قال تعالى في مورد ذكر عقوبة زوجة لوط: (ولا يَلتفت منكم أحدٌ إلا امرَأتَك إنّه مُصيبُها ما أصابَهُم...) (هود/ 81).
وقال تعالى في مورد ذكر عقوبة إمرأة نوح في الدنيا: (حتى إذا جاء أمرُنا وفارَ التنورُ قُلنا احمِل فيها من كلّ زوجينِ اثنينِ وأهلك إلا مَن سَبَقَ عليه القَولُ...) (هود/ 40)، وهي ممّن شمله هذا الإستثناء لكفرها المصرَّح به في آية التحريم الآنفة.
فالإمرأتان في الواقع في رأس قائمة نساء الشرّ، وذلك لأنّهما مارستاه في موقع النبوّة المقدّس، وبدون حياء من أخلاق النبوّة، فكانتا في الواقع مُؤسِّستين لهذا النوع من المعصية المركَّبة، ولهذا استحقا أن يكونا هذا النموذج والمثل السيِّئ والخالد في مسيرة حياة البشر. وهكذا الأمر مع كلّ الذين يسيئون للمقدّسات في موقعها وبدون حياء منها، ومع كل الذين يترصَّدون بها السوء إن آجلاً أو عاجلاً لاسيّما الأقربين منها وإليها، والمتلفّعين بقبائها، والمتسمين بها.
- الموقف الشرعي من المساس بزوجات الأنبياء:
لا شكّ في أنّ هذه المسألة وأمثالها تحتاج لكي يتشخّض الموقف الشرعي منها إلى علم بها، وإلا فالمساس بزوجات الأنبياء (ع) إذا كان المقصود به نفس الأنبياء، فهو يلحق بسبّهم وشتمهم الذي يترتّب عليه الإرتداد، ولا تقبل توبته، وإذا لم يقصد به شخص الأنبياء (ع) بل كان المقصود به ذمّ الزوجة فقط كما هو الحال في مصداقي الآية: (ضَربَ الله مثلاً للذين كفروا امرأةَ نوح وامرأةَ لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فَخانَتاهُما...)، فلا يترتب عليه الحكم المذكور.